من المفروض أن تهدف المسابقات الرياضية إلي نشر أواصر المودة بين الشعوب
وأن تسعي للقضاء علي الخصال السيئة في الإنسان كالتعصب والعدوانية
والعنصرية وهي ذات الخصال التي أدت إلي الحروب الإقليمية والعالمية بين
الشعوب ومن المحتمل أن تنتهي هذه المسابقات بهزيمة الفريق الذي نؤازره وفي
هذه الحالة لا نملك سوى تقبل الأمر بروح رياضية ونهنئ الفريق الفائز ثم
نستعد للجولات التالية، وهذه الروح الطيبة نجدها بوضوح في رياضة التنس
وهي رياضة فردية يتقبل فيها اللاعب الخاسر الهزيمة ولا تنتهي المباراة إلا
إذا تصافح اللاعبان قبل مغادرة الملعب، أما الرياضات الجماعية وعلي
رأسها كرة القدم فتشتمل دائما على أحداث عنف سواء بين جماهير البلد الواحد
أو جماهير بلدين مختلفين.
لقد كان الروائي الإنجليزي جورج أورويل
مؤلف رواية مزرعة الحيوانات على حق حين كتب مقالاعن الرياضة و السلام
بين الشعوب فند بذلك اقوال بعض الناس بأن الرياضة تقرب بين الشعوب لأنها
أصبحت في الواقع مصدرا لإثارة مشاعر الكراهية بين مواطني الدول، وكما
يقول الخبير الفرنسي باسكال بونيفيس في مقال عنوانه الجغرافية السياسية
لكرة القدم فإن كرة القدم قد تنعش النزاعات القومية وتستدعي أشباح
الحروب السابقة. لقد كان ذلك جليا خلال مباراة كرة القدم بين الصين
واليابان في كأس العالم 2004 حيث ارتدت الجماهير الصينية الزي الذي
كان يرتديه الجنود اليابانيون في عام 1930، حين قاموا باحتلال الصين
كما قام مشجعون صينيون برفع لوحات كبيرة مدون عليها رقم 300 ألف في
إشارة إلي عدد القتلى الصينيين علي يد الجيش الياباني في عام 1937 .
لقد
لاحظ العالم أن مباراة كرة قدم تؤهل من يفوز بها للمشاركة في كأس العالم
2010 اثارت مشاعر الكراهية بين شعبين عربيين كمصر والجزائر من الواضح أن
لقاءات منتخب مصر ومنتخب الجزائر في كرة القدم باتت تصاحبها أحداث مؤسفة
كما حدث في لقاء الفريقين في استاد القاهرة يوم 14 نوفمبر حادث
الاعتداء على الحافلة التي تقل الفريق الجزائري وحتى بعد انتهاء المباراة
وما صاحبها من احداث كالسيدة الجزائرية الحامل التي تعرضت للضرب والإهانة .
وفي
الواقع إننا محظوظون بأن البلدين مصر والجزائر ليسا متجاورين لأن
التجاور في ظل هذا التصعيد الإعلامي المصري والعداء المستحكم من قبل
الجماهيرالمصرية في القاهرة قد ينتهي بالصدام المسلح تماما كما حدث في
أمريكا اللاتينية حيث اندلعت حرب حقيقية بسبب كرة القدم في عام 1969،
بين هندوراس والسلفادور عقب مباراة تأهيل لكأس العالم، وحتي في أوروبا
فقد تشهد الملاعب مشاعر متأججة لكنها سرعان ما تتلاشي بعد انتهاء
المباريات كلنا يتذكر المباراة قبل النهائية بين فرنسا وألمانيا في
1982 حيث تبخرت مشاعر العداء فور انتهاء المباراة ولم تؤثر من قريب أو
بعيد علي العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والسؤالالمطروح دائما :
متى نجعل من الرياضة ساحة لنشر المحبة والمودة بين الشعوب بدلا من تذكية
العداوة والكراهية؟