غدر بك الزمان ياصاحبي ..
غافلك وأفعل بك الهوان
وطعنك بطعنات القهر ..
وتركك تنزف حتى غيّبَ بك الإيمان
تنزف دموعاً.. آلاماً ..أشواقاً.. أشعاراً..
وتمسح نزيفك بمنديلٍ .. عاد وأهداه لي الزمان..
أهداه لي حتى أُلاقي ما أُلاقي ..
من حرمانٍ واقتضابٍ بالفؤاد
وقتلٍ لربيع نيسان
ظننته أبيض ناصعاً
لم أرَ فيه حينها حُزناً..
لم ألمح به ألماً..
لم أشم منه عطراً..
كان أبيض ناصعاً بِبَياضٍ كبياض قلبك.. حين ينزف
كبياض عيونك حين تبكي
كبياض عمرك حين يهرب من بين يدك..
كما يهرب الماء من بين أصابعك ..ويُغافل أناملك..
لِيروي قلوباً نائية ..
لايُجدي معها الجهد ..
ولاهي بتضارب أحوالك واعية
فلِمَ أنا يا ربُّ من أهداني منديله ..؟
و وقف على ضلوع فؤادي يُنشد مواويله
يعزف لأجلها لحناً ..سبحان من أهداه تفاصيله
رقَّ الفؤاد لِنَغمٍ ، أشبه بِأُنشودة حبٍّ ..تُغَرر بمن يسمعها
ويشدو معها لِحُلمٍ قصيرٍ..تجهل مضامينه
لستَ أنت فقط من عاب على الدهر تفاعيله
عُباب البحر واسعة
فهل وحدك من ألقى الشباك وعادت بخيبة أملٍ ..غير راجية ؟
شباك صيدٍ ..أم شباك عنكبوتٍ !!
كُلّها شِراك..ٌ لِنيل غنيمةٍ.. تملؤ الكؤوس أسىً
من فيض جهلٍ بالتّالية
ضحك الدهر من غفلتي ..لِفرحتي بمنديله
حين به مسحت دموعي ..وأطلقتُ ضحكاتي
وانطلقت بهمّةٍ عالية
ظنّ أن صوتي يصدح كصوت الغانية
يجهل أني زرعته بقلبه عنوةً..ليطرح وردةٍ قانية
لم يعرف أني بكل يومٍ أرفع الأكفّ للسماء داعية
داعيةً بِطول البقاء لأحد العباد ليرى لِمن تكون العاقبة
كيف لا..؟ ومازال المنديل بيدي حين أغفو..
وأُعاود أصحو.. أدعو له بالعافية !
لم يجرؤ فؤادي يوماً أن يدعو عليه بالزّبانية !
ردعتني آية قرأتها بسورة الجاثية ..
أو ربما نسيتُ أن دعوة المظلوم قائمة
ياصاحبي :
ليست أفكاري كما ادّعيتَ.. أنها بالية..
بل هي حجّةٌ..على من مثلك واجبه
كُلها أيام تمر..ساعات ستمضي
وتجد نفسك وحدك تقف بصحراءٍ.. كالبادية
ما على الرسول إلا البلاغ
وأنا قد بلّغت أن لا بقاء لمنديلك
ولا لحبٍ على أرضٍ فانية.